شعار الموقع لنسخة الدارك مود

شعار الموقع لنسخة الدارك مود

معضلة التجسد: حجاب أم وساطة لتجلي المعنى الإلهي؟

 التجسد من عقدة العار إلى التجذر:

عقدة العار هي رؤية فوقية للجزء السفلي للإنسان أدت إلى إطلاق حكم مطلق على أن الجزء السفلي هو شيء مدنس، 

و من هنا أتت فكرة الذنب المشهورة التي ظهرت في سورة الأعراف: ﴿فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورࣲۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَتُهُمَا وَطَفِقَا یَخۡصِفَانِ عَلَیۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَنَادَىٰهُمَا رَبُّهُمَاۤ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَاۤ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [الأعراف ٢٢]؛ حيث القصد بالسوءة العورة، وفي جذر السوءة نشتق كلمة السوء والسيء والذي يكره، وهذا 

حكم مطلق على الأعضاء السفلية على أنها عار وعورة وسوء وسوءة، وخاض الأقدمون بحثا في فكرة بما غُطيت هذه العورة، فذهب البعض  للقول بأن الإنسان الأول كان مغطى كليا بالشعر، وهذا يوافق نوعا ما رأينا، مع الإشارة إلى أن هذا الأمر هو شذرات من حقيقة المدلول الذي تحاول الأساطير إخبرانا عنه وليس الحقيقة كلها.


بتتبع سياق الآيات القرآنية نجد في سورة الأعراف ثم سورة طه بعدها إشارات متتالية على تعري آدم بعد أن كان مغطى، ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِیهَا وَلَا تَعۡرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُا۟ فِیهَا وَلَا تَضۡحَىٰ (119)﴾ [ طه 118-119]، وهذا التعري هو ما جعله يخرج من جنته، وبالرجوع إلى معنى الجنة في اللغة والمشتقة من الجذر جن وهو أصل يدل على معنى الستر والتستر والتغطية والغطاء، لهذا نقول أن الجنة هنا كأنها  غشاء وحاضنة تستر آدم من الظروف الخارجية التي لا يستطيع مواكبتها بمفرده، وآدم هنا هو الجنين، وهذا أقرب إلى التأويل صحةً؛ حيث أن الجنين في جنة الرحمة والأمومة، والمرحلة الثانية التي تنبئ بخروجه من الجنة تبدأ عندما «بدت سوءته» وهنا نرجح تأويلين:

أولهما أنه قد تحدد جنسه، والثاني إشارة لاقتراب ولادته، ويرجع التأويل الثاني لدلالة الشجرة لأن من معانيها التراحم والولادة، والشجرة التي أكل منها هي شجرة التناسل، ويظل الأمر بين بين لولا أن ظهور السوءة أو العورة دليل على تكوّن آخر الشاكرات وهي شاكرة الجذر؛ ومنه هذه إشارة إلى قدرته على التجذر بمفرده، رغم أن هذا شيء قاس لكنه مقصود في القصة، ولابد أن نزول الآدم هو نفسه خروجه من عورة الأم أي من الأسفل دلالة على ولادة الجنين.

حقيقة التجسد وعلاقته بالتجلي الإلهي:

 يمكننا تأويل كل هذه الأساطير المتعلقة بالخطيئة والخروج من الجنة بإسقاطها على حياة الإنسان حيث أنها توازي مرحلة ما قبل البويضة الملقحة إلى الوفاة، فتُرى في تشكل الجنين، تشكل جسدي، وهذا يأخذنا إلى المذهب الحروفي المشهور القائل بأن جسد آدم هو الذي سجد له الملائكة، لأنه يعبر عن كمال التجلي الإلهي، حيث أن الملائكة والجن وإبليس لم يكن لهم جسد كامل الظهور والتجلي، والطائفة الحروفية تقول إن العبادة هي اللفظ، وبه يمكن للإنسان الاتصال بالله، والمعرفة هي أيضا معرفة الألفاظ لأنها مظهر الموجودات، واللفظ لذلك مقدم على المعنى، واعتقدت الحروفية أيضًا أن الله تمثل في شخص الإنسان وخاصةً في وجهه، وقد تجلى في صور متتابعة هي صور النبوة، فالولاية، فالألوهية، وقد كان الرسول محمد خاتم الأنبياء، ثم جاء من بعده الأولياء من علي بن أبي طالب إلى الحسن العسكري الإمام الحادي عشر عند الشيعة، وفضل الله هو آخر الأولياء، وهو الله مجسدا، أي قولا على مبدأ الحروفيين فالله تجسد في آدم، وهذا قول لا بأس به ويبرر قصة الأمر بالسجود، لكن تبقى فيه احترازات عدة نذكر منها ما جاء في المذهب الأيزيدي، ويرى هذا المذهب أن الجسد هنا هو اختبار نجح فيه الذين لم يسجدوا حيث أن الجسد فتنة أو صورة الله وليست حقيقته، وأن الذين لم يسجدوا إنما كانوا يدركون أن تجسيد الله هو تدنيس له، حيث نجد أن الله بارك الذي لم يسجد يعني الذي ليس جسدا، بأن حرره من الامتحان الدنيوي كمتفوق وكإمام للكائنات، وفي هذا مسائل كثيرة، ونجد في الديانة الأيزيدية أن الملك الطاووس أو الملاك الطاووس (بالكرمنجية: Tawase Melek): هو شعارهم وهو مقدس عندهم كونه هو رئيس الملائكة لديهم، كلمة (ووس (US) هو اسم لأحد الآلهة الآرية وهم الإغريق وهكذا فان الاسم متكون من (تا - ووس) (Taus) أي نور الإله (كلمة)؛ وهذا هو المعنى الإلهي الذي لا يحويه الجسد على قول الطائفة الأيزيدية.

أما نحن فنقف في الوسط لنقول أن المعنى الإلهي لا يتجسد في جسد واحد، بل هو في جملة التجسد الآدمي وغير الآدمي؛ بمعنى أن اِكتمال التجسدات كلها تجلي لنا المعنى الإلهي الذي لا يتسجد، لذلك قلنا في الكود العام أن: « الغيب هو تمام وكمال الشهود»، ونقول أن الجسد هو جسد المصدر لكنه ليس الجسد الوحيد، ومنه يتحرر المصدر من تجسده إلى تجسد آخر، فنحافظ على طبيعته المتدفقة، ونقدر كل الأجساد، وهذا قول متزن حكيم.

الحكاية كلها في معنى جسد آدم؛ حيث اعتبر الساجدون أن جسد آدم معناه تجسد الله، واعتبر الآخرون أن جسد آدم هو عدم رؤية لمعنى الله، إذ أن الجسد حجاب منعهم من رؤيته، 

وهناك من اعتبر الجسد واسطة لظهور المعنى وآخرٌ اعتبره عائقا وحجابا لتجلي المعنى الذى لا يمكن أن يحويه الجسد، وإذا رجعنا إلى الذكورة والأنوثة نقول أن:

  • الذكر واسطة لتجلي الأنوثة.
  • الذكر عائق وقيد يمنع الأنوثة.

وأيضا بمعنى :

  • الذكر هو تجسد المصدر.
  • الذكر هو عائق أمام المصدر.

وفي هذا مسائل لا حصر لها، لذلك نجد الذين لم يسجدوا لديهم مشكل أزلي مع الذكر، ولديهم دعم أعمى للأنثى، والساجدون لديهم قوامة الذكر على الأنثى، لأن الذكر أكمل ومميز، ويمكن للمصدر أن يتجسد في حالة حسن التجسد حيث يلتقي المعنى مع الشكل، فيصبح التجسد معنوي والمعنى متجسد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كاتب التدوينة
كاتب التدوينة
هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق.
G.M HERMES