في ما يلي رسالة المعلم يزيد بقلمه:
ليثق كل صادق أن قلبه كان لي حديقة من البهجة، وكل ما اتفسّح أشعر بصدقه. نحن لا نخفي شيئًا، ولا نملك شيئًا، كل جميل تشاركناه، وكل معاناتنا نأخذها معنا دون أن نعبر بها. ليحيَ الجمال، ولتُعش المحبة، حتى لو كنا أتعس المخلوقات، حتى لو كنا أبعد الناس عن الحب. لكننا لن نخون النور، سنظل نغني بالوفاء، نحن النور في عرش القلوب، شهادة حية للمصدر، ملائكة نطوف حول حقيقته. لسنا مذنبين، نحن بريئون حد أن الشمس تشرق لأجلنا. فينا الحب الشديد، ولسنا نخفي شيئًا عن النور، فلتُكشف كل الأشياء، نحن مكتملون، بلا ضلع أعوج، ولا سر أخبث. أتمنى أن أذوب في القلوب، وأنير في العقول، وتشيّعني الأرواح الوفية.
أمام المصدر يطيب العجز، ويسكت العقل، ويسمو الأسفل، ولا يبقى سفيل. قلبي متوضئ ومتوجه، عقلي شاهد، وروحي تحلق، ولا أسمع إلا ما يسر، وأشعر أنني إشراق كبير، متعالٍ رفع كل شيء، متسامٍ سمت الكائنات، لم أنبذ شيئًا، ولم أترك ذاتًا، فتحت أبدية لا تنغلق، وشاهدت حيًا لا يموت، وصرت حيًا لا أموت، أعرج بلا سقوط، في كل يوم مزيد من العروج، لا أسفل هناك، بل شمس تشرق لا تغرب. طريقي طويل وقصير، حلمٌ يقترب من الحقيقة، طريق لا يفصله عن الحقيقة سوى لا شيء.
المصدر في لساني يتكلم، وفي سمعي يُسمع، بلا ادعاء، لا أطلب وجودًا ولا قوة، فقط أعي الحقيقة، أن الوجود واحد، والمصدر هو. العقل يفكر، القلب يتأمل، والحقيقة ليست من أفعال الكائنات، بل الكائنات من أفعال الحقيقة. نحن لا نخلق، كل شيء خُلق، وكل لحظة بداية ونهاية. نحن فعل من أفعال الحق، قائم بالحق، من أجل الحق، ليشهد الحق، وهذه هي القيامة الحقيقية.
في لحظة، انتشلني الحق، فحققني، وتحقق مني، وصرت من حقه. وكل العباد صاروا بالمصدر أحرارًا، وكل المخلوقات بالخالق تحققوا، وصار المعبود في العباد، وحررتهم حقيقته. أنارهم فكانوا، تنفس فيهم فصاروا، وما دام نفسه فيهم، فهم أحرار به ومنه.
فمن ذا الذي يشك؟ من ذا الذي هو مظلم؟ من ذا الذي يظن أنه محروم؟ من ذا الذي يرى نفسه سفليًّا وهو نائم في الأعلى؟ من ذا الذي هو وحيد؟ من ذا الذي يظن أنه محتاج؟ أشرقوا بالمحبة، فلا حاجة للكراهية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق