إعلان

اللاإنجابية وعلاقة الانجاب بالفاكهة المحرمة، هل عدم الإنجاب هو الحل؟

Akada Toureia
0

 اللاانجابية وعلاقة الانجاب بالفاكهة المحرمة عندما تنتهي البشرية ستبدأ الانسانية

 هل يوجد تبرير عقلاني للإنجابية:

هناك علاقة وطيدة بين الإنجاب والأمور الروحية وكذلك ثنائية النعيم والجحيم، فالإنجاب عبارة عن بوابة للدخول إلى التجربة الأرضية،  منذ القدم نلاحظ تقديسا للإنجاب والاستكثار في الأنفس حتى صار الأمر معيارا للفحولة والإنجاز فربطوا الكثرة الاشتقاقية بقيمة الفرد، وهذا يجعلنا نتساءل هل هناك تبرير عقلاني وحقيقي للإنجاب؟ إن أول الإجابات المتداولة والموروثة هي أنه سنة الحياة، وإن كان كذلك فإن الفطرة السليمة الحاكمة لهذه السنة الكونية تقتضي تحملك لمسؤولية هذا الطفل وتكريس نفسك لخدمته مدى الحياة لأنك السبب في إحضاره لها، لكن ما نراه هو العكس فيأتي الطفل كنتيجة للحظات لاوعية للفرد ويجد نفسه في ظروف قد تكون قاسية كما يكون عرضة للجلد وانتظار اعترافه بمنة والديه عليه ناهيك عن تحقيق مبتغاهم باعتباره امتدادا لهم، وهذه جريمة في حقه، هناك أيضا من يربط الأمر بالروح إلا أن الروح لا علاقة لها بالإنجاب والكثرة، فالإنجاب مرتبط بأدنى مرتبة من الوعي وهي الجنس فيكون ثمرة له، وتبرير الإنجاب بالروح خاطئ لأن السبب في دخولك إلى هذه التجربة الأرضية هو سحب القوى الظلامية لك لهذا البعد وليس بسبب الروح، كما أن التبرير بكونه إرادة الله هو تبرير قبيح حيث يفضي إلى إلقاء ذنبك على الله فهل يأمرك الله بالإنجاب وترك الأطفال في معاناة، هناك أيضا من يضعك أمام سؤال آخر لتبرير فعل الإنجاب وهو ما مصير البشرية إن توقفنا عن الإنجاب هل ستنتهي دورة الحياة؟ لو نظرنا بتمعن إلى هذا السؤال لوجدنا أنه بحاجة للتصحيح والأجدر أن نسأل ما مصير ما دون الأجساد؟ لأن الأجساد هي التي تتكاثر، أما الروح فهي غير خاضعة لهذه الظروف، لهذا اسأل نفسك ما شأنك بتكاثر البشرية واستمرارية الملك والأنظمة الغاشمة والمستبدة ما شأنك في استمرارية ملك غيرك حتى تجمع مصيرك بمصيره. أما القول أن الإنجاب أمر قهري فهو تبرير ضعيف أيضا فليس هناك سبب حقيقي يجبرك على الإنجاب، وإن فعلته تحت ضغط ناتج عن تحقيق الشهوات فهذا الأمر قد فعلته نتيجة لاعتمادك على لاوعيك، لأنك لو كنت متصلا بوعيك لما اتجهت لتحقيق الرغبات الدنيوية وقللت منها قدر المستطاع.

 ما مدى خيرية فعل الإنجاب؟

إن الأفعال الخيرة والصحيحة هي تلك الأفعال التي تعبر عن المعاني السامية والجوهرية، وإن رجعنا إلى التبريرات الشائعة للإنجابية لوجدنا أنها نتاج لبرمجات طبيعية أو اجتماعية يمكننا حصرها في نقاط هي اللاوعي واللذة، الرغبة في الخلود والإشتقاق.

 قلنا أن الإنجاب هو ثمرة لأحد محركات اللاوعي وهو الجنس لهذا هو نتاج للحظات لاوعية في أغلب حالاته، فلو كان فعلا خيرا لكان له امتداد معنوي عميق، ولما خضع هذا الفعل لابتزاز وسيطرة الشهوة، لأنك لو كنت واعيا لما فعلته وإن فعلته ستفعله بوعي وتتحمل مسؤولية فعلك وتبعياته، وأيضا لو كان هذا الفعل غير متعلق باللذة وكان مقترنا بالألم لهجره الأغلبية وإن اختاروه لكان ذلك ضمن هدف سامي وتخطيط واعي، ومن الأسباب أيضا نجد الرغبة في الخلود والأكل من الفاكهة المحرمة المتكلم عنها في رواية الخلق، فيريد الأب أن يخلد في إبنه والأم في إبنتها  والمجتمع من خلال زرع تعاليمه ونقلها عبر الأجيال وهذا الخلود خلود في الأجساد فقط، فالرغبة في الإنجاب مرتبطة بالأنانية وطلب الاستمرارية وعدم الانقطاع عن الحياة، كما أن الإنجاب يعتبر فعلا لاوعيا أو غير مبرر عقليا لأنه يفضي إلى الاشتقاق،  والأصل هو العودة إلى الأصل تكاملا أما الإنجاب فهو فعل اشتقاقي حيث تشتق منك طفلا من خلال نقل معلوماتك الوراثية له وهذا  يتعارض مع معيار التكامل والكمال الذي يعبر عن الرضاية بالنفس وعدم اشتقاقها.

الإنجاب ضد الجودة والندرة ومنجم لخلق الثروة لأرباب المصفوفة:

الإنجاب يقتضي الكثرة والتعدد وهذه الكثرة المبالغ فيها هي السبب في المآسي التي نشهدها من طبقية واستعباد واستبداد وكذلك المشاكل والأزمات الاقتصادية من بطالة وتفشي الفقر والجهل... فإن هذه الكثرة العبثية تقف حائلا بين إيجاد حلول لهذه الأزمات، فنرى أن الفقراء مثلا يسعون للتكاثر دون وعي منهم وبفعلهم هذا فهم يقدمون أنفسهم للعبودية، وأيضا هناك من ينجبون أولادهم داخل الأزمات والحروب مالذي يريدون تحقيقه بهذا الفعل الأناني حيث أن الفرد فقد قيمته كإنسان وصار مجرد عدد ورأس من الرؤوس الموجهة نحو الاستعباد فإن لم يخضع أحدهم فهناك غيره المئات فلماذا سيرقيه أو يبجله وإن مات المئات والآلاف فلا مشكلة في ذلك فهناك منهم أضعاف مضاعفة، إن الحكمة لا تكون في الكثرة بل في الندرة والجودة لهذا نجد من هم في القمة يعتنقون الندرة لأنهم يدركون قيمتها ويحثون من دونهم على الكثرة لأنها لمصلحتهم، فلو قلنا أن الإنجاب والتكاثر فعل طبيعي كما هو ظاهر و الطبيعة هي التي ترغبك فيه فإن هذا الفعل غير خادم للفرد بل خادم للجماعات المسيطرة، فكلما وجدت نفسك أمام ثنائية للترهيب والترغيب فاعلم أن هناك ضبابية وأسباب مخفية تحول بينك وبين حقيقة الأمر لأن الوعي والمعنى والحكمة أمر حيادي قائم بذاته واضح وصافي خارج عن العدد ومتمركز في الصفرية.

إن الهدف من هذا الكلام ليس الترويج لللاإنجابية وإنما التوعية لفكرة الكثرة والندرة، لأن الحكمة ليست في العدم بل في الندرة، وإن تكلمنا عن الكثرة تكلمنا عن الدونية والدنيا يقول تعالى: (أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ (4) كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيۡنَ ٱلۡيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ (8)) [سورة التكاثر]، فبعد هذه الآيات فما الذي يبرر لهم التكاثر والاشتقاق، وإن احتكمنا إلى أن ( ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ أَمَلࣰا)[سورة الكهف الآية 46]، فإن هذه الزينة تبقى مرتبطة بالدنيا وكل شيء متعلق بها متدني وبعيد عن السمو، ولا يمكننا اعتبار زينة المال والبنون فعلا حكيما لأن الحكمة لا علاقة لها بالزينة والزخرف الشكلي الخالي من الجوهر فهي حيادية قائمة بذاتها.

المشكل في حد ذاته ليس متعلقا بالإنجاب بل بتبعياته، فإن أراد أحدهم الإنجاب فعليه أن يكون واعيا لفعله مدركا لتداعياته مستعدا لتقديم وبسط كل الإمكانيات والسبل أمام هذا الطفل، لكن الأمر الذي نراه غير ذلك فالغالبية يأتون بأطفالهم في ظروف قاسية لا تليق بالإنسانية وهذا فعل غير إنساني وأناني من طرف المنجب، ثم يحاولون دمجهم قهرا في الحياة والظروف المحيطة من خلال التربية، والأطفال ليسوا بحاجة لذلك لأنهم مربون بالفطرة، و التربية التي يحاولون تطبيقها عليهم هي محاولة لكسر أجنحتهم كي لا يحلقوا وترويضهم وتشويههم ومحاولة دمجهم وتكييفهم مع الحياة بحيث يكبرون وهم مبرمجون أن يكملوا حياتهم بنفس النهج ، أما التربية الحقيقية تكون بتوفير الظروف المثالية لهم وحمايتهم من الأذى ومختلف الشرور، فما عذر الذي ينجب إبنا وهو في خضم حرب طاحنة وما تبرير الفقير الذي يأتي بطفل ليحارب الفقر منذ طفولته، هؤلاء دافعهم النفسي للإنجاب هو رغبتهم في رؤية اكتمال شهوتهم ومضاعفتها ورؤية تجليها في الواقع، أما اجتماعيا فهو لايتعدى انجابهم لأداة جديدة في يد المجتمع، وآخرون ينجيون بغية الرهان على انقلاب الموازين وهم بهذا الفعل يتصرفون غريزيا مثلهم مثل الحيوانات وهذه برمجة طبيعية يتشارك فيها الإنسان و الحيوان، وهكذا يكون هذا الإنجاب محركا لجميع الشرور بعده، فأصبحت أغلب تبريراتهم للإنجابية متعلقة بالعاطفة والمشاعر والغرائز ووصل بهم الأمر حتى لتبرير الجنس مع الأطفال والقاصرات وما تبع ذلك من قضايا، مشكلة هؤلاء هي تبريرهم الدائم للاوعي لو صارحوا أنفسهم لسموا فوق جميع الخطايا وتتطهروا من كل الذنوب، إن سبب تعطل الإنسان في تطوره الروحي هو تبريره للاوعي فمن يبرر فعله بما يحصل في الفطرة الطبيعية والحيوانية فهو كافر بالإنسانية والروح، وهي ضد الفطرة الروحية السامية المتجردة عن الدنيا التي يجب على الإنسان الاحتكام إليها، فهي خاصة بالإنسان دون غيره من الكائنات وتعبر عن الإتصال والصلاة الإلهية.



إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)